شهدت أعمال القمة العربية التاسعة والعشرين التي عقدت، اليوم الأحد، بمدينة الظهران شرقي السعودية، تباينًا في بعض وجهات النظر فعلى الرغم من توحيد القضية الفلسطينية لرؤى القادة العرب إلا أن اختلاف المواقف حول الضربة العسكرية في سوريا عادت لتضفى حالة من الخلاف.
«فلسطين» توحد العرب
في حين أكد البيان الختامى للقمة، التي عقدت في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بحضور ممثلي 21 دولة، بينهم 16 قائدًا وزعيمًا، وبرئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين.
وشدد القادة والزعماء العرب، على بطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والرفض القاطع للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث ستبقي القدس عاصمة فلسطين العربية، مع التحذير من اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس.
ورحب القادة، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القدس وتقديم الشكر للدول المؤيدة له مع التأكيد على الاستمرار في العمل على إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية جادة وفاعلة.
كما شدد البيان على رفض كل الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب التي تهدف لتغيير الحقائق على الأرض وتقويض حل الدولتين.
وطالب القادة، بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس والمؤكدة على بطلان كل الإجراءات الإسرائيلية الرامية لتغيير معالم القدس الشرقية ومصادرة هويتها العربية الحقيقية، والمطالبة بعدم نقل سفاراتها الى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وأكدت القمة، ضرورة تنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو الصادر عن الدورة 200 بتاريخ 18/10/2016م ، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية والإجراءات التعسفية التي تطال المسجد الأقصى والمصلين فيه، واعتبار إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية السلطة القانونية الوحيدة على الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه.
«سوريا» مصدر خلاف
وعلى صعيد آخر، لم تلق الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا السبت على سوريا، إجماعًا من قبل قادة الدول العربية، ففي حين أيدت بعض الدول، لا سيما الخليجية، العملية بشدة، آثرت عدة دول التحفظ على رأسها مصر وتونس ولبنان والجزائر والكويت والمغرب، فيما قوبلت العملية بالتنديد من قبل دول أخرى مثل العراق.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته خلال القمة: “مصير الشعب السوري ومستقبله بات رهنًا للعبة الأمم وتوازنات القوى الإقليمية والدولية، فالدول الإقليمية تحاول إنشاء مناطق نفوذ لها في الدول العربية”.
وطالب “السيسي” بتحقيق دولي شفاف حول استخدام أسلحة محرمة في سوريا، قائلًا: “سوريا أرض عربية ولا يجوز حلّ الأزمة فيها إلا وفقًا للشعب السوري، لقد آن الأوان لوقف نزيف الدم السوري، فالإرهاب خطر تواجهه كل الدول العربية”.
دعم سوريا في استعادة «الجولان»
وفي السياق ذاته، شدد البيان المشترك للقادة العرب على دعم ومساندة الجمهورية العربية السورية العادل وحقها فى استعادة كامل الجولان العربى السورى المحتل إلى خط الرابع من يونيو 1967، استناداً إلى أسس عملية السلام، وقرارات الـشرعية الدوليـة، والبناء على ما أنجز في إطار مؤتمر السلام الذي انطلق في مدريد عام 1991.
وأكد القادة العرب مجددًا، في قرار بشأن “الجولان العربى السورى المحتل، على قرارات مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى قرارات القمم العربية وآخرها “قمة الأردن”، والتى نصت جميعها على رفض كل ما اتخذته سلطات الاحتلال الإسرائيلى من إجراءات تهدف إلى تغير الوضع القانونى والطبيعى والديمجرافى للجولان العربى السورى المحتل، واعتبار الإجراءات الإسرائيلية لتكريس سيطرتها عليه غير قانونية ولاغية وباطلة، وتشكل خرقا للاتفاقات الدولية وقرارات الأمم المتحدة وقراراتها، لاسيما قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981، وقرار الجمعية العامة فى دورتها الثالثة والستين عام 2008، والذى أكد على أن قرار الاحتلال الإسرائيلى، بضم الجولان العربى السورى المحتل “لاغٍ وباطل”، وغير ذى آثر قانونى، ويشكل انتهاكًا خطيرًا لقرار مجلس الأمن، وكذلك قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية والجولان السورى المحتل”.
“الانتهاكات التركية للسيادة العراقية”
وشدد القادة العرب، فى قرار بشأن “الانتهاكات التركية للسيادة العراقية”، على دعوة الدول الأعضاء في الجامعة للطلب من الجانب التركى سحب قواته من الأراضى العراقية تنفيذا لقرار مجلس الجامعة رقم 7987 الصادر بتاريخ 24 ديسمبر 2015، ودعوتها إلى إثارة هذه المسائل فى اتصالاتها مع الجانب التركى.
كما دعت الدول الأعضاء، إلى مطالبة الحكومة التركية بعدم التدخل في الشئون الداخلية للعراق، والكف عن هذه الأعمال الاستفزازية التى من شأنها تقويض بناء الثقة وتهديد أمن واستقرار المنطقة.
“التدخلات الإيرانية فى الشئون العربية”
وأكد البيان على أن على رفض القادة العرب للتدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية للدول العربية، مشددين على أهمية أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية وإيران قائمة على مبدأ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها.
وطالب القادة العرب، فى قرار بشأن “التدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية للدول العربية”، إيران بالكف عن الأعمال الاستفزازية التى من شأنها أن تقوّض بناء الثقة وتهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة.
وأدانوا بشدة استمرار عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع على المملكة العربية السعودية من الأراضي اليمينة من قبل الميليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران، بما في ذلك الصاروخ الباليستي الذي استهدف مدينة الرياض بتاريخ 4 نوفمبر 2017 ، واعتبار ذلك عدوانا صارخا ضد المملكة وتهديدا للأمن القومي العربى، مؤكدين على حق السعودية في الدفاع الشرعي عن أراضيها وفق ما نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومساندتها في الإجراءات التي تقرر اتخاذها ضد تلك الانتهاكات الإيرانية في إطار الشرعية الدولية.
“التضامن مع لبنان ودعمه”
وجدد القادة والرؤساء والملوك والأمراء العرب، التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسى والاقتصادى له ولحكومته ولكافة مؤسساته الدستورية بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته على كامل أراضيه.
وأكد القادة العرب فى قرار بشأن “التضامن مع لبنان ودعمه”، وحق اللبنانيين في تحريـر أو اسـترجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبنانى من بلدة الغجر، وحقهم فى مقاومة أى اعتداء بالوسائل المشروعة، والتأكيد على أهمية وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومـة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلى التى هى حق أقرته المواثيق الدولية ومبـادئ القـانون الدولى، وعدم اعتبار العمل المقاوم عملاً إرهابياً.
“تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب”
وشدد البيان على ضرورة تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، وإدانة كل أشكال العمليات والأنشطة الإجرامية التى تمارسها التنظيمات الإرهابية في الدول العربية والعالم.
وندد القادة العرب، فى قرار بشأن “تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب”، بكل الأنشطة التى تمارسها تلك التنظيمات المتطرفة والتى ترفع شعارات دينية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية وتعمل على التحريض الفتنة والعنف والإرهاب.
وأكدوا، الحق الثابت للدول الأعضاء في اتخاذ جميع الإجراءات واستخدام كافة الوسائل التي تحول دون تعرضها لأي تهديدات تشكل خطرًا على أمنها وسلامة مجتمعاتها، وذلك وفقا لميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة.